الخميس، ماي 25، 2006


الموقف الرسمي للخارجية العثمانية من قيام فرنسا باحتلال تونس سنة 1881

تونس-الصباح

إعداد: محمد بن الأصفر (*)



تشابكت، أو بالأحرى تتالت أحداث عديدة كانت تنمّ عن أنّ فرنسا ستقوم باحتلال البلاد التونسية، وكان ذلك منذ العقدين الأولين من القرن التاسع عشر ميلادي.
- ففي سنة 1826م اتفقت السلطة الفرنسية مع والي مصر محمد علي باشا على احتلال منطقة المغرب الإسلامي (تونس والجزائر والمغرب الأقصى) لفائدتها... وتعثر المشروع واندثر(1) وهو المشروع الموسوم «المملكة العربية الإفريقية»(1).
- وفي سنة 1814، حين كان القبطان رودير CAPITAINE ROUDAIRE (1820-1885م) يدرس ويخطّط لحفر البحر الإفريقي الداخلي LA MER AFRICAINE INTERIEURE الممتد على شطوط الجريد وغرسة وملغيغ، انطلاقا من الجزائر المستعمرة الفرنسية منذ سنة 1830م، كانت حيثيات مشروعة عبارة عن مرافعات تدعو بالقول الصريح والتلميح إلى أن البلاد التونسية هي عمق استراتيجي(2) للبلاد الجزائرية، التي صارت فرنسية... وإنه من تمام أعمال إنجاح المشروع الاستعماري بالجزائر الانقضاض على البلاد التونسية» وفي تلك السنة 1874 رصد البرلمان الفرنسي ميزانية لتنفيذ المشروع - وحين بعثت اللجنة المالية الدولية(3) LA COMMISSION financière International، لاستدراج البلاد التونسية نحو التعجيز التام، كان الهدف من تلك الضغوط هو احتلال البلاد التونسية وقد بعثت اللجنة سنة 1869(3).

- وحين أقامت شركة سكة الحديد الفرنسية بالجزائر «عنابة / قالمة / BONE-GUELMA» مفاوضات لمدّ سكتها الى البلاد التونسية، كانت فرنسا تمهد - لوجستيا - لأحكام اجتياح بري للبلاد التونسية، انطلاقا من أرضها في الجزائر(4) وهو ما سيتم فعلا سنة 1881.

إنّ كلّ هذه الأحداث، وغيرها من التفاصيل والجزئيات مثل الحصار الذي ضرب على حلق الوادي سنة 1864م، بدعوى التوقّي مما يمكن أن يصدر عن العربان المنخرطين في الأحداث المعروفة بتمرّد علي بـن غذاهم(5)... ان كل تلك الأحداث وغيرها... قد بدت كما لو أنّ تونس لم تكن جزءا من الامبراطورية العثمانية... فلقد توجت المناوشات المختلفة سنة 1881، باحتلال فرنسي للبلاد، اتخذ نظريا شكل الحماية، وكان في حقيقة أمره استعمارا بأتمّ معنى الكلمة.

فهل كانت للامبراطورية العثمانية ردود فعل ما، وما هي ردود الفعل تلك إن وجدت؟

لقد أجاب الباحث التركي، الدكتور عبد الرحمان تشايحي عن السؤال بوضع كتاب(6)، كامل، ومن الواضح أن الرّجل مهتم بما حل بالولايات العثمانية من احتلال، أذ قد تحدث عن التنافس التركي الفرنسي على الصحراء الكبرى... وغير ذلك.

وفي كتاب «المسألة التونسية» الخاصّ بتونس حاول الدكتور تشايحي أن يعرض السياسة العثمانية حيال احتلال فرنسا لتونس طوال المدة الواقعة بين سنوات 1881م و1913م مبينا تدخل الباب العالي سياسيا، على إثر الاحتلال(8) ذلك التدخل الذي بلغ درجة من الحسم، النظري - ارتفعت إلى حدّ التفكير في تدخل يجري في البلاد التونسية(9)، قبل إمضاء معاهدة 12 ماي 1881(10).... تلك المعاهدة التي احتجت الامبراطورية العثمانية على توقيعها(11)... وما إلى ذلك من الإجراءات ذات الطابع الحربي التي دارت بخلد الباب العالي انطلاقا من طرابلس الغرب... إلخ...

إلاّ أنّ كلّ ردود الفعل العثمانية هذه، قد أخذت ترى النور بداية من يوم 04 أفريل 1881(12)... بينما هناك وثائق فرنسية قد برزت إلى الوجود وتعود يوم 9 مارس 1881، أي قبل شهر كامل.. ولم يكن لها صدى في الوثائق العثمانية التاريخية وهي مهمة لعدة أسباب وكانت تحمل عنوان «واقعة تونس»(13) وقد تضمنت مقدمة تاريخية عن تونس منذ صارت ولاية عربية إسلامية إلى أن احتلتها فرنسا، سنة 1881... مرورا بكل الحقبات بما فيها الحقبات العثمانية.

ولقد جاء في التمهيد لهذه الوثيقة تذكير بمختلف مظاهر الولاء LA SUZERAINETE التي ميزت العلاقة بين الباب العالي وولاية (أو..صنحق) تونس ولعل من المفيد بيان أن الصادق باي (تولى من 1859م إلى 1882م) قد حرّر تلغرافا للباب العالي يصف فيه وقائع الاحتلال(1).

على أنّ مصادر أخرى تقول أن سفير الدولة العثمانية في باريس، هو الذي أعلم الدولة العثمانية بواقعة الاحتلال الفرنسي لتونس(1).

لكن المتّفق عليه هو أن الباب العالي قد حرّر في الحال تلغرافا لسفيره في باريس وباقي سفرائه في عواصم أوروبا عبر فيه عن الاحتجاج الشديد على الاحتلال، مطالبا بسحب العساكر من أمام قصر الوالي (أي: قصر باي تونس(1)... إلخ... وفيما يلي نصّه:

الوثيقـة

أرسل وزير خارجية العثمانية إلى سفراء الدولة مما يوضح فيها مقاصد الدولة، وملخصها كما يأتي:

في عشرة مارس سنة 1881 بالقسطنطينية إنّ إعلاماتي المختلفة عرفت فطانتكم الوقائع التي صارت في المسألة التونسية. وقد نسبت لبعض القبائل البدويين بجهة الجزائر بالهجوم(15). فالحكام التونسيون أعلنوا بأنهم حاضرون ليضبطوا من غير تراخ. فالدولة الفرنساوية حكمت بأن يلزمها إرسال عدد وافر من العساكر الذين قد استولوا على جزء عظيم من الولاية، ولم يبعدوا عن المركز إلاّ ببعض فراسخ(16). ثمن غير التفات إلى ما كنا أكدنا به على حضرة الباشا ليأخذ التدابير اللازمة لتمهيد الراحة في المواضع الثائرة(17)، فدولة الجمهورية لا تريد أن تنظر المخالطة الاقترانية(18) بتونس مع السلطنة العثمانية التي هي محسوبة جزءا متمما للسلطنة المذكورة. على أن سيادة السلطان التي ليس فيها خلاف على هذه الولاية وهي سيادة لا تنكرها أي دولة من الدول عموما، وهذا الحق بقي للآن صحيحا، ولم ينقطع من زمن فتحها في سنة 1534 ميلادية بخير الدين باشا.

وفي سنة 1574 بقليج علي باشا وسنان باشا، وكانت الدولة العلية أرسلت إلى تلك المواضع قوة عظيمة برا وبحرا، ومن زمن ذاك الفتح فالتأسيسات التي فعلها الباب العالي هي أن جميع ولاة تونس يتوارثون الولاية مـن ذريـة الوالـي الأول المسمّـى مـن السلطـان، ويتقلدون إلى الآن المنصب(19) منه، وفرمانات الولاية تبقى في خزنة الديوان(20)، وكذلك جميع المكاتبات التي تأتي منهم للباب العالي فإنها تارة تكون في شأن مخالطتهم مع الدول الأوروباوية(21)، وتارة تكون في شأن أحوالهم الداخلية، والتي لهاته المدّة الأخيرة، فإنّ الباب العالي من استحفاظه على حقوقه زيادة على كونه يسمي الوالي العام فإنه يرسل من القسطنطينية إلى تونس قاضيا(22) وباشكاتب الولاية(22) ولم يكن الا من ترحم الدولة العلية أن منحت الوالي أن يسمي هو بنفسه هذين الموظفين. وأيضا فاتباعا لمذهب وخصوصية سيادة السلطان، فإن الخطب يذكر فيها اسم جلالته(24)، ويضرب على السكة أيضا(25)، وفي وقت الحرب ترسـل تـونس الاعـانة الــى التخت(26)، وعلى حسب العادة القديمة يأتي للقسطنطينية دائما أناس رسميون ليقدّموا تعظيمات الوالي وخضوعه لأعتاب السلطنة، وليقبلوا أيضا الإذن اللازم من الباب العالي لأمور عظيمة في الولاية(27).

ثم إنّ الباشا الموجود الآن والتونسيون طلبوا زيادة في التفضل، وأعطى ذلك لحضرته السنية بالفرمان المؤرخ في سنة 1871(28) وتعرف به جميع الدول. والآن قد استغاث الوالي بسيده الحق ليعينه على الحالة الرديئة التي وقعت فيها تونس الآن، وهاته الأشياء التحقيقية لا ينكرها أحد. فهل تريدون أن تعرفوا الآن تقريرها بالتاريخ وبالمكاتبات الرسمية هو سهل، لكن نقتصر على المهم منها، لئلا يطول الكلام في هذا التلغراف. ففي المعاهدات القديمة التي بين تركيا وفرنسا تعدد ألقاب الحضرة السلطانية، ويكون منها لقب سلطان تونس(29). فانظر مثلا معاهدة 10 صفر سنة 1084 هجرية، وسنة 1668 ميلادية. وفي هاته المعاهدات أيضا يوجد بأن كل المعاهدات التي بين الدولتين تجري أيضا لفظ تونـــــــس.

وفي نصف القرن السابع عشر أي في 15 صفر سنة 1166 أرسل السلطان فرمانا للباي والحاكم الكبير بالولاية في رضا الباب العالي بأن قنصل فرنسا يجمع خدمات قناصل الدول الذين لم يكن لهم إذ ذاك نواب بالقسطينطينية كالبرتغال وغيرها(30). والقنصل وكالته هي حماية السفن تحت الراية الفرنساوية في المراسي مشهورة بالولاية(30). والفرمان يمنع تداخل قناصل الإنقليز واللؤلانديين من التداخل في خدمة نائب فرنسا، وذلك سند مؤرخ 9 رمضان سنة 1197 هجرية المتقرر بمعاهدة 12 ربيع آخر سنة 1205، فإنه يأذن حكام الجزائر وتونس وطرابلس الغرب بأن يجمعوا على اسم السلطان السفن التجارية لسلطنة الرومان. وأيضا فإنّ الاتفاق الذي تقدّم هذا السند وتمّم 15 شوال سنة 1161 هجرية بالاذن من السلطان، وكان هذا الاتفاق وقع بين الحكام المذكورين والسلطنة المذكورة فإنّ الوالي العام بتونس وهو إذ ذاك في رتبة بكليربكي(31) ونال اسم علي باشا. ويذكر في مقدمة كل مكتوب ممضي عليه منه هاته الكلمات بعينها، وهي مولانا السلطان الغازي محمود.

وعلى ذكر وقائع ذاك الزمان استطرد لكم الاذن الصادر من الباب العالي في 15 ربيع الأول سنة 1245 هجرية وسنة 1827 ميلادية لحكام الجزائر وتونس وطرابلس الغرب. فإنه يأمرهم أن لا يتداخلوا في الخلاف الواقع بين النمسا ومملكة المغرب. وكذلك الإذن الصادر لوالي تونس في 14 صفر سنة 1247 هجرية وسنة 1830 ميلادية فإنه يأمر بترتيب العسكر النظامي بالولاية على نمط الترتيب العسكري النظامي العثماني(32) وأيضا قد أتى مكتوب معين للطاعة من الباشا التونسي لجلالة السلطان في سنة 1860(33) وذلك الباشا هو الذي سماه السلطان وآليا عاما، وقد نشر هذا المكتوب في جميع صحن أوروبا من غير أن يعارض ولا من جهة واحدة.

ونزيدكم شيئا آخر وهو أنه في سنة 1863 في واقعة القرض التونسي الذي وقع في باريس(34) من غير رضاء الباب العالي كان رسيود وأروان ولويس وزير خارجية الامبراطور نابليون الثالث قد أعلن رأيه بناء على شكايات الدولة العثمانية، وقال: إنه يلزم إما الباشا بتونس أو الصراف الذي يريد عقد القرض معه أن يطلب رضاء الباب العالي ليصح هذا القرض وللمدافعة على حقوق الباب العالي فإنّ الوزير الفرنساوي أرسل يقول هذا الكلام للصراف المشار إليه.

وها نحن نضع بثبات الكلام السابق لدى ميزانية العدل والحق الذي للدول الممضين على معاهدة بارلين(35)، وإنا لمتحققون بأن فكر الدول محيط بدلائل كثيرة في الواجبات العمومية التي يقتضيها المؤتمر المحترم، وأنهم يريدون أن يفعلوا بالعدل قولنا الذي قدمناه، وأنهم يتحفّظون على حقوق الباب العالي المحفوظة بالمعاهدة المذكورة، ويصلحوا الحال بين الدولتين فرنسا وتركيا في علائقهما التي لهما في هذه الولاية المرؤوف بها التونسية المتممة للسلطنة العثمانية.

والمرغوب من جنابكم أن تتكلم مع وزير الخارجية في مضمون هذا التلغراف، وتشرح له ما تراه نافعا، ولكم الإذن بأن تعطوا نسخة من هذا لجناب الوزير إذا طلب. انتهى.

الإمضاء: مصطفى عاصم

(انتهت الوثيقة)

الإحالات والتعاليق

(1) محمد بن الأصفر: تونس في النوايا التوسعية لمحمد علي باشا والي مصر - أو المشروع الفرنسي - المصري «المملكة العربية الإفريقية» مجلة الاتحاف - سليانة - العدد 116 - أكتوبر 2000 صفحات من 14 إلى 20.

(2) محمد بن الأصفر: مشروع شط الجريد أو بحر الصحراء - دائرة المعارف التونسية - المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون / بيت الحكمة - قرطاج - الكرّاس الخامس - 1995 - ص146.

(3) علي المحجوبي: انتصاب الحماية الفرنسية بتونس - دار سراس للنشر - تونس - 1986 - ص09.

(4) MED LAZHAR EL GHARBI= IMPERIALISME et REFORMISME AU MAGHREB (L'HISTOIRE d'un CHEMIN DE FER ALGERO- TUNISIEN- Ceres - Tunis

(5) محمد بن الأصفر: الأرشيفات وبيبليوغرافيا علي بن غذاهم (1864) - مجلة: الاتحاف (سليانة) عدد 96 - ديسمبر 1998.

(6) الدكتور عبد الرحمان تشايجي: المسألة التونسية والسياسة العثمانية 1881-1913 تعريب، د0عبد الجليل التميمي - دار الكتب الشرقية - تونس - 1973

(7) د.ع - الرحمان تشايحي: م.س - ص14 (من هو المؤلف)

(8) د.ع - الرحمان تشايحي - المسألة التونسية - م.س - ص69

(9) د.ع - الرحمان تشايحي - المسألة التونسية - ح.س - ص115

(10) د.ع - الرحمان تشايحي - ح.س - ص125

(11) د.ع - الرحمان تشايحي - ح.س - ص131

(12) د.ع - الرحمان تشايحي - ح.س - ص71

(13) إبراهيم بك حليم= التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العلية - مؤسسة الكتب - الثقافية - بيروت - ص1988 - ص 225 إلى 250.

(14) ابراهيم بك حليم= التحفة الحليمية - م.س - ص 233 إلى 250.

(15) سيرد تفصيل المسوغات الفرنسية لاحتلال تونس والمتعلقة بهجومات للقبائل النازلة على الحدود التونسية الجزائرية في الحلقة القادمة من هذا الملف «وثائق تونسية» وسيكون ذلك مفصلا بحول الله.

(16) يبدو أنّ العساكر الفرنسية قد بلغوا وقتها بلدة: الجديّدة: التابعة لولاية منوبة (حاليا).

(17) يبدو أنّ الباب العالي قد رد على مكاتبة باي تونس لها في الغرض، بأن يتولى إحالة الوثيقة التي تطلب منه فرنسا إمضاءها عليها هي لتأخذ ما تراه صالحا في شأنها من الأجوبة والتدابير... والوثيقة هي قطعا «معاهدة باردو» ليوم 12 ماي 1881، لكن شيئا من ذلك لم يحصل بضغوط واضحة من الفرنسيين.

(18) المخالطة الاقترانية: هي LA SUZERAINETE، ويسميها الشيخ محمد بيرم الخامس (1840م - 1889م) العلقة وذلك في كتابه «صفوة الاعتبار بمستودع الامصار والأقصار».

(19) لمزيد البيان حول نظام توارث ولاية تونس في نطاق العائلة الحسينية انظر:

(MED SALAH MZALI: L'HEREDITE DANS LA DYNASTIE HUSSEINITE - M.F.E - Tunis)

هذا، وان مصر قد حظيت بحق التوارث مثل تونس حسب خط سرّي مما يولي مؤرخ في 13 فيفري 1841/1256هـ وجه لمحمد علي باشا والي مصر في 13/2/1841.

(20) الدّيوان الهمايوني: هو الدّيوان السلطاني العثماني (راجع: نجاتي أقطاش وعصمت بينارق - للأرشيف العثماني - تعريب: صالح سعداوي صالح - اشراف وتقديم: د.كمال الدين إحسان أوغلي - مركز الأبحاث لتاريخ الفنون والثقافة الإسلامية اسطنبول، ومركز الوثائق والمخطوطات بالجامعة الأردنية - عمان 1986 ص07 و213 و393 وما بعدها.

(21) هل كان حقّا، بايات تونس، يعلمون الباب الغالي بما يجد لديهم من علاقات مع الدول الأجنبية، ففي أي إطار قانوني يندرج ذلك؟

(22) إنّ عادة إرسال قاض من الباب العالي إلى تونس كولاية قد بدأت فعلا سنة 1573م مع القاضي الحنفي الأولى حسين أفندي حنفي، لكنها لم تستمر، بداية من عهد علي باشا الول (على أنه يمكن أن يكون القاضي الحنفي جزائريا، وقادما من الجزائر، مثل علي أفندي الجزائري (راجع: محمد محفوظ - تراجم المؤلفين التونسيين - دار الغرب الإسلامي - بيروت 1882 - ج4 - ص100)

(23) ما هو المقصود بـ«الباش كاتب» حتى نعرف هل كان الباب العالي يوفد حقا باش كاتبا، لأن ما نعلمه هو ارسال وال أو باشا، وقاضي لا أكثر ولا أقل!؟ فهل أن «الباشا» هو نفسه، الباش كاتب؟

إنه بالرّجوع إلى الجرد المسمى «الأرشيف العثماني» المذكور في الإحالة رقم 20 إعلاه، والمتكون من 522 صفحة لم نعثر على كلمة «باش كاتب» اما في الولاية التونسية فإن الباش كاتب هو رئيس قلم الكتابة الذي كان في أول عهده يتولاه إثنان - أحدهما (رئيس «قلم خوجة» وثانيهما «رئيس قلم «الحسبان» فإنهما الباش كاتب.

(24) لقد تواصل بالفعل العمل بنظام الخطبة بإسم السلطان العثماني.

(25) لقد عرفت تونس سككا باسم السلاطين العثمانيين من سالم الثاني، سنة 1566م إلى مصطفى بن محمد خان، سنة 1695، وهي المحْبُوبُ، والسُّلْطَاني، والرّيال، والحَرُّوبة... (راجع.. حامد العجابي: جامع المسكوكات العربية بإفريقية - المعهد الوطني للآثار والفنون - (د.ت) تونس - صص29 و367.

(26) تمثل حرب القريم (سنة 1855، أهم تلك المناسبات التي شاركت فيها تونس بالرجال والعتاد... وغير ذلك... (راجع: أحمد ابن أبي الضياف، اتحاف أهل الزمان - أخبار ملوك تونس وعهد الأمان الدار التونسية للنشر بتونس 1990.

(27 هذه العادة القديمة، تعرف باسم «السفارات الى الباب العالي»، وكان ينتدب لرئاستها رجال الشرع أو رجال المخزن، فمن الصنف الاول، نذكر «كبير أهل الشوري» (أي: شيخ الاسلام المالكي، كما صارت الحصة بداية من ولاية الشيخ الطاهر بن عاشور) وهو الشيخ ابراهيم الرياحي، ومن الصنف الثاني، نذكر كاتب سر الباي الشيخ أحمد ابن أبي الضياف... وكان الاول تولى السفارة إلى الباب العالي عدة مرات كانت أبرزها تلك المناسبة التي عاد فيها من اسطمبول ومعه رتبه: المشيرية: لأحمد باي الاول (القرن 19م) ومعها سند ترفيع باشوية باي تونس الى صنف (3 أطواخ) بعد أن كانت ذات طوخين فقط وكان مصحوبا بواحد من رجال المخزن وهو مصطفى البلهوان.

والسفارة هي غير القارة، أما ممثل تونس في الباب العالي فهو «وكيل تونس» التي لم يكن لها الا وكلاء في ولايات الامبراطورية العثمانية مثل مصر، وطرابلس...

ولم نعرف إن كان لتونس نواب DEPUTES في «مجلس المبعوثان» العثماني أم لا.

(28) هو فرمان تولية الصادق باشا باي (تولى من 1859م إلى 1882) وقد جاء فيه ذكر لألقاب التشريف التي كانت لهذا الوالي على تونس، وهي خاصة(1) النيشان المجيدي الشريف من الرتبة الاولى،(-) النيشان الهمايوني المرصّع، أما الرتبة الادارية فهي: (ت) الوالي، (ث) وزير السلطان... وتحديدا (وزيرنا) وكان المخاطب (بجر حرف الطاء، هو السلطان العثماني).

(29) هل هذا يعني أنه قد وجدت معاهدات طرفها فرنسا، والسلطان العثماني رغم أن موضوعها خاص بالولاية التونسية عدا المعاهدات الخاصة بطبرقة؟

(30) لقد كان لفرنسا، فعلا، مثل هذا الامتياز، ومنه انه ومنذ سنة 1577م، حاد للقنصل الفرنسي بتونس صلاحية فصل قضايا كل النصارى الكاثوليك بتونس (LIRE: A: PELLEGRIN - Histoire de la TUNISIE ) Edition Bouslama 1975-p191)

(31) بكير بكر - باي لاريباي - حسب الصيغة التونسية ومعناها باي البايات.

وهي حرف الكاف. ياء، - جاءا في حكمه «بيك» وتصبح «باي».

(32) أقيم العسكر النظامي في تونس سنة 1246هـ 1830م وذلك على عهد حسين الباي باشا باي (حكم من 1824م إلى 1835م).

ولنا أن نتساءل، هل أن أحداث العسكر النظامي في تونس قد كان - حقا، استجابة للتعليمات العثمانية، لأنّنا نعلم أن التونسيين قد سبق لهم رفض العمل كما جاء بالتنظيمات الخيرية - الصادرة - سنة 1839م، وفيها جانب كبير يخص النظم العسكرية (راجع: أحمد بن أبي الضياف - اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان - الدار التونسية للنشر - تونس - 1990 - ح01 صص من 52 إلى 56).

وفي مارس 1840، ورد الفرمان على المبشر أحمد باشا باي (1837م - 1855م) وقرىء على رجاله، ولكنهم سوّفوا أمر تطبيقه والعمل به (راجع: أحمد ا.ا، الضياف، الاتحاف - م.س - ج04 - ص43) وبذلك فإن العسكر النظامي في تونس، سابق عن تاريخ عرض السلطان للتنظيمات الخيرية على الباب التونسي.

(33) لقد وصل الصادق باي إلى كرسي الولاية «البابليك» سنة 1859، ولم يأته فرمان التولي الا سنة 1871م، (بعد 22 عاما)، وكان قد أوفد خير الدين للباب العالي للالحاح على التحصيل على ذلك الفرمان.

(34) القرض الفرنسي لتونس، سنة 1836م: لم يشر أحمد ابن أبي الضياف الى دين عمومي تجاه جهة فرنسية، سواء دين كان عمّر دمه محمود بن عياد تجاه بعض التجار الفرنسيين (كذا)

(راجع: ا.ا.ا - الضياف، الاتحاف، م.س - ج03 - ص278 ويصعب أن يكون ملفا كهذا قد وصل إلى الباب العالي!؟!

فمن المرجح أن الموضوع غير هــــــذا.

(35) معاهدة برلين، وموقع ولاية تونس في مقتضياتها: ان هذه الاتفاقية المؤرخة في 13 (تموز) 1878م. قد فتتت الامبراطورية العثمانية باعطاء بعض ولاياتها البلقائية الاستقلال التام، مثل رومانيا والجبل الأسود أو أنها قد منحتكم الاستقلال الذاتي، مثل بلغاريا التي فرض عليها دفع جزية سنوية للسلطان العثماني أو بجعلها ولاية عثمانية مستقلة استقلالا ذاتيا ويكون على رأسها وال مسيحي، مثل بلغاريا الجنوبية التي أصبح للدول العظمى المشتركة في المعاهدة رقابة عليها... وحصلت روسيا، بمقتضى معاهدة برلين على بلدان باطوم وقلص وإقليم يسارابيا من رومانيا... وفازت النمسا بحق احتلال البوسنة والهرسك على أن ادارة النمسا لهذه الجهات لم تقترن بفصلها رسميا عن الدولة العثمانية(!!!) ... وقد أجيز لليونان توسيع أراضيه على حساب الدولة العثمانية من جهة الشمال.. ولم تعد معاهدة برلين للدولة العثمانية ما كانت روسيا قد ضمته لنفسها من مناطق عثمانية في آسيا الوسطى أو تركستان والتي تشمل طشقند وسمرقند وبخاري وخانية، ثم خانية كيوا (KHIVA)، وبعدها فرعانة وقد تم ذلك لروسيا في سنوات 1868 و1873 و1876.

وواضح أن الولايات العربية التابعة للسلطة العثمانية ولسلطانها، لم تطلها أحكام معاهدة برلين، بما يعني إقرار الدول التي أمضت عليها بانتماء تونس للسلطان العثماني! ومن الغريب أن فرنسا قد كانت من بين تلك الدول التي أمضت على المعاهدة المذكورة، إلى جانب كل من ألمانيا (البلد المضيف للمعاهدة)، والنمسا والمجر وبريطانيا، وإيطاليا، والروسيا، وطبعا تركيا المهزومة بموجب المعاهدة، وكانت اليونان حاضرة في المؤتمر الذي أعطاها ما سبق بيانه من التركة العثمانية وذلك دون أن تكون مشاركة كطرف كامل الصفة (راجع: سعيد أحمد برجاوي - الامبراطورية العثمانية - تاريخها البياني والعسكري الاهلية للنشر والتوزيع - بيروت - 1993 - صص262 و263).


هناك تعليق واحد:

Hayy يقول...

Interessant :)