الخميس، أفريل 12، 2007

الآخر في مناهجنا التعليمية


بعد الأحداث الأخيرة في الجزائر و المغرب واثر بعض المواقف التي تعرضت لها أثناء قيامي بعملي مدرسا للغة الألمانية رأيت أنه من الضروري الكتابة في هذا الموضوع نظرا لما يكتسيه في تقديري من أهمية كبيرة. سأبدأ بموقف حصل لي في القسم أثناء تدريسي لمحور يتحدث عن السياحة كانت فيه صور-مرسومة باليد- لسياح عراة يقومون بحمام شمس على متن باخرة سياحية؛ سمعت تلميذة تقول"استغفر الله استغفر الله؛ هذه لغة كفار فلماذا ندرسها؟". ولقد سمعت تقريبا نفس ردود الفعل في محور الأكل و الشرب عندما تحدثنا عن الخمر و الجعة و أخبرتهم أن الجعة ليست مجرد شراب في ألمانيا و إنما هي موروث ثقافي؛ و تتفاخر كل جهة في ألمانيا بإنتاجها لنوعها الخاص من الجعة. في الحالتين اللتين ذكرتهما كان يجب عليّ أن أتوقف عن سير الدرس "العادي" و أشرح للتلاميذ ضرورة فهم الاختلاف و تقبله؛ وأن ما هو أخلاقي عندنا قد لا يكون أخلاقيا عند غيرنا و العكس صحيح أيضا؛ و أن هذا لا يجب أن يمنعنا من قبول "الآخر" كما هو. كانت ردود الفعل مختلفة و كان النقاش حادا أحيانا بين التلاميذ بين موافق و معارض؛ ثم دق الجرس و خرج التلاميذ و كنت وقتها في موقف الأستاذ الذي لم يكمل درسه و هو ما سيجبرني على تعويض الوقت "الضائع" في الحصة القادمة حتى أتمكن من الانتهاء من البرنامج المسّطر من الوزارة و هو ما يعني أيضا أني لن أسمح لنفسي بمزيد من خسارة الوقت خاصة أننا في آخر السنة.
تبادر إلى ذهني السؤال التالي : هل دور مدرس اللغة أن يعلم التلاميذ بعض الكلمات الجديدة التي سينساها التلميذ ما إن يخرج من القاعة أو ما ان ينتهي من دراسته في المعهد؟ أين المحتوى الحضاري في معاهدنا اليوم؟ مفقود أو يمرر بطريقة غير مباشرة؛ و لا يقتصر ذلك على درس اللغات الاجنيبة فقط؛ بل يتعداه إلى درس العربية؛ يمضي التلميذ سنوات و سنوات يدرس" إبداعات" شاعر عاش في صحراء ويقف على الأطلال. لا وجود للآخر في مناهجنا؛ مع كل ما يحدث في العالم الآن يجب في تقديري التركيز على المحتوى الحضاري للدرس اللغوي و عدم الاكتفاء بالتراث و تعلم التخاطب.
هذا الغياب لصورة" الآخر" يملأه في المقابل حضور لصور مختلفة لهذا "الآخر" في الإعلام والتفكير العامي لا أبالغ ان قلت أن أغلبها سلبية و تساهم في تعميق الهوة بيننا و بين هذا "الآخر" " الكافر"؛ "الفاسد"؛"الظالم"؛ "العنصري"...الخ.
ان غياب "الآخر" في مناهج التعليم يجعل عقول الشباب تستهلك أنموذجا واحدا يروّج في الإعلام وشائع في التفكير العامي لأسباب تاريخية و سياسية و دينية. إننا نصنع شبابا لا يؤمن إلا بنفسه و مستعد لان يحمل حزاما ناسفا من اجل إثبات الذات و الدفاع عنها من هذا" الآخر" المخيف.
ان الأمور تزداد سوء مع كل الضغوطات و الظلم الذي أصبح يحس به الشباب العربي. ان مسؤولية هذا الجيل أن يحرص على تكوين فكر نقدي لدى الشباب العربي يسمح له بالتعامل بايجابية مع "الآخر"؛ لأن هذا سيزيده إيمانا بنفسه و سينير له الطريق للخروج من أزمته بتجفيف منابع الضعف في المجتمع العربي من أجل مجتمع أقوى قادر على حل مشاكله بطرق عقلانية تكون أكثر فاعلية من ردود الفعل العاطفية التي كانت و لا تزال سمة بارزة للتحرك الشعبي العربي تجاه قضاياه.

هناك تعليقان (2):

الشنفرى يقول...

j'ai trop aimé ce poste et je partage l'avis de son auteur mais j'aimerai bien savoir le bloggeur qui l'a écrit.

Y a plein d'admin sur ce blog alors qui est l'auteur de celui la et c'est quoi son blog d'origine s'il y en a un.

Merci d'avance

الشنفرى يقول...

c'est bon je viens de le trouver. c'est notre cher Adam. Bravo et bonne continuation.