الأربعاء، ماي 23، 2007

الأصل اليهودي للإسلام و إنقراض العرب



نبيل فياض

: للأسف الشديد، ليس هنالك في المنطقة ذات الغالبيّة الإسلاميّة، مهما اختلفت لغاتها القوميّة، أيّة مبادرة جديّة لمقاربة الديانة المحمدية بطريقة عقلانيّة. يبدو أن الإسلام والعقل خطّان متوازيان لا يلتقيان أبداً. وكما قال الفيلسوف الدانمركي الشهير، سورن كريكغارد: إما ... أو- إما الإسلام أو العقل. كيف يمكن لعاقل أن يفهم ، على سبيل المثال لا الحصر، ظاهرة الحج منطقيّاً، خاصّة رمي الحصى على إبليس [ ديابولوس اليوناني ] أو الطوفان حول كتلة الحجارة المسماة بالكعبة أو تقبيل الحجر الأسود الذي يقتنعون أنه من الجنّة؟ أول خطوة في اتجاه العقل ستكون المسمار الأول في النعش الإسلامي؛ من هنا يمكن أن نفهم – دون أن نقبل بذلك طبعاً – سرّ رفض " علماء " الإسلام لأية مبادرة نقديّة عقلانيّة لفهم الإسلام، مهما كانت مسرفة في الحياديّة والموضوعيّة. وهؤلاء كما يعلم الجميع مدعومون من القطبين الآخرين في الثالوث النجس، أي رجال المال ورجال الحكم، الذين لا هم لهم غير الحفاظ على حشويّة المجتمع – الأمة كما يسمونها – في أعلى درجات السكونيّة. في الصراع بين العقل والنقل، بين الفلسفة والميثولوجيا، بين الحقيقة ووهم الحقيقة، لم يفز إسلاميّاً غير القطب الثاني من المعادلة؛ وما دام الحلف النجس قائماً، لن يكون ثمة جواب على سؤال: ما هي الحقيقة؟

. وكما أشرنا من قبل، فإن أدلّة لا حصر لها توحي أن المحمدية إن هي إلا استمرار لليهوديّة التلموديّة الحاخاميّة، بما في ذلك أدلّة بحوزتنا تقول بصريح العبارة إن محمداً كان يرتاد باستمرار بيوت هامدراش اليهوديّة في يثرب.
.

لا يمكن أن نأمل بأي جهد بحثي راق من الناطقين بالعربيّة في هذا الزمان. مع ذلك، فإن ترجمة التلمود والمدراش هامة للغاية إذا ما أردنا أن نعرف بدقّة مصادر الديانة المحمديّة. وكما قال غنسبرغ، فقد نظر محمد إلى التوراه بعيون الهاغاداه – من هنا، من الواجب علينا أن نمتلك هذه الأغاداه أو الهاغاداه إذا ما أردنا لبحوثنا أن تخرج من ظلمات الأسطورة إلى نور العقل. بالنسبة لترجمتي للـعابوداه، فهي تهدف إلى إظهار الأصل المعرفي لعقليّة التكفير في الإسلام.


أنت تقريباً من مؤيدي نظرية الأصل اليهودي - الحاخامي للفكر الديني الإسلامي، ولكن أكثر المستشرقين، وفي مقدمتهم ألفونس مِنْكـَنا صاحب (التأثير السرياني في أسلوب القرآن) و آرثر جِفري صاحب (المفردات الأجنبية في القرآن) و كرستوف لكسنبرغ صاحب (قراءة سريانية - آرامية للقرآن) يؤكدون الأصل الآرامي والسرياني (وليس العبري) المباشر للمصطلحات وأسماء الأعلام/ و حتى بعض المفردات الأساسية/ القرآنية (وأما لكسنبرغ فيزعم أن مقاطع من القرآن مثل سورة الكوثر، هي إعادة قراءة لمقاطع من نص سرياني مثل الترجمة السريانية للعهد الجديد: مقطع من رسالة بطرس الثانية تحديداً)، فهل هذا يؤكد تأثير النصوص المسيحية السريانية (للبشيطه ولآباء الكنيسة السريان) أم النصوص اليهودية الربانية الآرامية مثل التلمود والمدراش؟

ن. فياض: أنا أؤمن بالعمل المدعم بالوثائق. الوثائق تقول إن التلمود البابلي وحده متقاطع مع القرآن في عشرات المقاطع، في حين أنه لا توجد نصوص مسيحيّة يمكن مقارنتها مع ما يماثلها في التراث المحمدي. إذا أخذت مثلاً من كتابي حكاية ابراهيم حجم التطابق بين معاسه أبراهام، النص الأغادي الشهير، والنصوص القرآنيّة المقابلة، سوف تدهش. التطابق حتى في الألفاظ التي هي ذاتها أحياناً، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار القرابة الوثيقة بين اللغتين العربيّة والعبريّة. من ناحية أخرى، نحن نفتقد على نحو شبه مطلق أي نوع من المعرفة الموثوقة بنوعيّة اليهوديّة التي سادت زمن محمد في الحجاز واليمن. لكن لماذا لا يكون الأثر الآرامي كان جاء من اليهود، لا المسيحيين؟ العبرانيّة والآراميّة لغتان شقيقتان؛ بل في العهد القديم نصوص لا بأس بها مكتوبة أصلاً بالآراميّة. العهد الجديد، بالمقابل، مكتوب كلّه باليونانيّة، باستثناء إنجيل متى الآرامي المفقود حتى الآن. نضيف أيضاً أن هنالك إشارات لا بأس بها إلى انتشار الترغوم بين يهود جزيرة العرب زمن محمد.

كمشة بدو)، وماذا يتضمن باختصار؟

ن. فياض: أعمل فيه اليوم بتركيز تام. إنه مقاطع من تاريخ العرب – تلك الكائنات الآيلة للإنقراض ومن أجمل أحداث الحضارة أن ينقرض العرب – تظهر بالكامل كيف دمّرت العقليّة البدويّة الحضارات القديمة وما تزال مستمرة في تدميرها، عبر أدلّة داحضة.


12. من أعمالك المهمة كتاب (نيتشه و الدين) الذي كتبتـَه بالاشتراك مع الباحث الألماني (موترايش)، لماذا هذا الكتاب نادر كالكبريت الأحمر في البلاد العربية؟ وهل يمكن أن تلخص لنا المحتوى الجوهري لأفكار الكتاب؟

ن. فياض: الكتاب هو عرض نقدي للمقاطع المتعلقة بالدين في كامل أعمال نيتشه. هو نادر لأنه في زمن حماس ومقتدى الصدر وحزب الإله وكائن اسمه الضاري، لا مكان لشخص اسمه نيتشه، قال بصريح العبارة إن الله مات.


13. ترجمتَ لنيتشه: (شفق الأوثان) (وهناك ترجمة أخرى منشورة بعنوان: أفول الأصنام) و (بمعزل عن الخير والشر) و(عدو المسيح).. لماذا هذا الاهتمام الخاص بنيتشه؟ وهل نشرت تلك الأعمال الثلاثة حتى الآن؟ ألا يمكنك أن تعطينا خلاصة موجزة لأفكار كل منها؟


ن. فياض: لم أنشر منها شيئاً لأن الرقابة السوريّة طالبانيّة أكثر من بن لادن. نيتشه، برأيي، أهم فيلسوف في تاريخ البشريّة لأنه أعاد الأولويّة للذات مقابل الموضوع. اليهوديّة والإسلام والماركسيّة أيديولوجيّات قمعيّة لأنها تقدّم الفكرة على الإنسان: كم قتل محمد على مذبح مولوخ-إلهه؟ وكم دمّر ستالين في نوفاسيبريسك شيوعيته اللاإنسانيّة؟ نيتشه أهم من محمد وستالين بما لا يقارن؛ أزمة نيتشه أنه يطلب منك أن تقرأه وتفكّر! محمد وستالين يطلبان منك أن ترمي بعقلك في أول سلّة زبالة... وتتبعهما! نيتشه نبي الكائنات العاقلة: محمد، ومثله ستالين، نبيّان برسم الرعاع! أفكار نيتشه تشمل كل أوجه حياة العقل. لم يتحدّث هذا النبي عن قواعد القتل والتكفير والاستنجاء والاستجمار والخرطات التسع، لذلك لا أحبّذ الكلام عنه كثيراً في بيئة توقّف تفكيرها عند نكاح البنت من الزنا وخنزب وفضائل الحسن بن علي، الذي اشتراه معاوية وقتله... أوه!! تاريخ مقرف. ما أصعب أن يكون المرء عربيّاً وفي زمن اسماعيل هنيّة ومقتدى وبقية الماريونيتات المحمديّة!! هنا أتساءل: هل كان بريئاً استعانة الأمريكان بالإسلام للقضاء على الستالينيّة؟ لا يفل الحديد إلا الحديد!! الحقيقة أن الكذبة الإسلاميّة أكثر إقناعاً وقوة من أختها الستالينيّة، لأنها تكتفي بدور الوسيط في نقل الحقيقة – وهم الحقيقة – من كائن علوي، في حين اكتفت الستالينيّة، التي تحترم العقل البشري أكثر، في الزعم أنها بشريّة الأصل والفصل. هل يمكن أن نفهم هنا أيضاً استعانة الأمريكان بالإسلام على الإسلام للتخلّص من هذا الركام المريع؟ لن ننتهي من الإسلام إلا بإشعال المعارك بين السنّة والشيعة، فنرتاح ويرتاح العالم والحضارة!!!

يقول نيتشه: هنالك أوثان في هذا العالم أكثر من الحقائق. الكتاب، كما أفهمه، يركّز الأنظار على مسألة الفرق بين الحقيقة ووهم الحقيقة. ونحن بتوثين وهم الحقيقة نحوله إلى حقيقة: هل سمعت بقصّة الإسراء والمعراج، التي حوّلها الدجل المقدّس إلى حقيقة تاريخيّة؟

لا أستطيع أن أصدّق حرفاً واحداً من العهد القديم ما لم تكن هنالك وثيقة خارجيّة غير يهوديّة تؤكّد ما يقوله العهد القديم. في كتابي "مدخل إلى مشروع الدين المقارن"، أشرت في مقالة مترجمة إلى ما يقوله نقّاد العهد القديم من أنه ليس ثمة دليل على صحة أي حدث في العهد القديم، خاصّة سفر التكوين وسفر الخروج. لقد أشرت في كتابي عن "إبراهيم" أن هذا النبي المزعوم شخص ميثولوجيّ بالمطلق، وعندما سأتناول شخص موسى، سأظهر أن هذا أيضاً ليس أكثر من ميثولوجيا صرفة. بالنسبة إلى فرويد، أعتقد أنه ارتكب خطأ جسيماً حين اعتمد على الترجمة اللاتينيّة-اليونانيّة للاسم العبراني، لينطلق من ثم إلى استنتاجاته التي لا أساس لها من الصحة. فرويد يهودي، حتى وإن ادعى العلمنة. من هنا، وبذكائه الخارق، أدرك أن لا أساس منطقي يمكن أن يقوم بدور حامل تاريخي لهذا النبي المؤسس المزعوم للديانة اليهوديّة. استدار فرويد إلى التاريخ المصري، وراح يغمس فيه موسى اعتماداً على أساس فيلولوجي منطلقه السابقة مس التي توجد في الاسم غير العبراني للنبي. إن اعتماد التسمية غير العبرانيّة يحمل مخاطر التخلّي عن البعد الميثولوجي لهذا الشخص. موشيه التسمية العبرانيّة للنبي تعني المنتشِل [ يفترض أن يكون المنتشَل، فموسى بحسب الأسطورة العبرانيّة أنتشل من اليم؛ مع ذلك فنحن نعتقد أن المنتشِل يمكن أن تعني ميثولوجيّاً الذي انتشل اليهود من الأسر والعبوديّة ]، لذلك فإن اعتماد التسمية غير العبرانيّة لهذا النبي يمكن أن يطيح بالأساس الذي قامت عليه الأسطورة أصلاً. في النهاية، الديانة اليهوديّة، كالإسلام تماماً، مزيج تركب عبر الزمان من عناصر كثيرة منها ما هو محلّي ومنها ما هو مستورد. يكفي الإشارة هنا إلى العناصر الكثيرة التي أخذها اليهود عن الزرادشتيين.


التاريخ السامري لم يستهوني لأسباب كثيرة، إضافة إلى أنه من غير الممكن لأي باحث أن يعرف في كل شيء. فقط أعرف أن ثمة أشياء كثيرة أخذها الإسلام عن السامريّة، لكن لا يمكن مقارنة ذلك بما اقتبسه الإسلام عن اليهوديّة التلموديّة التقليدية. هل تعرف، مثلاً، أن القرآن أخذ عن التوراه السامريّة قصّة أن الله رفع السماء – طبعاً ليس ثمة سماء ولا من يحزنون – بلا عمد [ سقف شموييم بلا عموديم ]؟ بل يمكن القول إن النصف الأول من الشهادة عند المسلمين مأخوذ حرفيّاً عن السامريين. هكذا أمور بحاجة إلى هدوء وحريّة: وهذا ما عمل محمد وأتباعه عن إبعاده عن كل منطقة دخلها الإسلام، بحيث لا يكشف أي مستور.

http://imedhabib.blogspot.com/

عماد حبيب

هناك تعليق واحد:

نفسنا يقول...

تم أفتتاح العدد الأول من مجلة نفسنا
نتمنى منكم زيارتنا