السبت، جانفي 06، 2007

اللاتدوين


عندما تتجول في المدوّنات التونسية فانك تحس بصفة عامة انك وسط مجموعة من المثقفين الواعين؛ يتناولون في مدوّناتهم تقريبا كل المواضيع و بأساليب مختلفة تتراوح بين الأسلوب الساخر إلى التحليل الممنهج للأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية؛ دون أن تنسى المرور على قراءة بعض الخواطر المفعمة بالصدق و الحب. الجميع تقريبا و بدون استثناء دافع سواء في مدونته أو في تعاليقه عن حرية الرأي و قبول الرأي الآخر حتى و إن بدا لنا متطرفا؛ لذا كان من الطبيعي أن تلقى الحركة الاحتجاجية التي قمنا بها يوم 25 ديسمبر تجاوبا كبيرا؛ فالأمر هنا يتعلق بقضية جوهرية للمدوّن ألا و هي حقه في الكتابة؛ و لقي الاحتجاج صدى كبيرا و ساندنا في ذلك العديد من المدونين العرب و ربما غير العرب أيضا؛ ثم انتهى الموضوع. قف نقطة إلى السطر. أو هذا ما بدا لنا في أول الأمر. إلا أن الرقابة قامت و بحركة كلها استهزاء و استهتار بحجب المدونة التونسية ثم مدونتي. ماذا حدث بعد؟؟؟؟؟ صمت...ثم صمت....ثم صمت. وكأن شيئا لم يكن؛ لم يكتب أي مدون-إلا بعض الاستثناءات- و لو بالإشارة عن ذلك؛ و كأن الجماعة كانوا في عرس؛ حضروا العرس ثم رجعوا إلى البيت ليناموا؛ وكأنهم المساكين اجبروا على المشاركة في يوم التدوينة البيضاء؛ فما إن انتهت حتى تخلصوا من هذا العبء؛ انتم تتحدثون في السياسة و الاقتصاد و تنتقدون التعليم و تتناولون أهم المواضيع و تعجزون عن كتابة حرف واحد في قضية هي قضيتكم أولا و أخيرا. هل هذا معقول؟؟؟؟ علمتم جميعا بحجب المدونة التونسية وقمت بإعلامكم بحجب مدونتي؛ لماذا عجزت أقلامكم عن الكتابة؟ هل هو الخوف؟ اذا كنتم لا تستطيعون تحمل مسؤولية الدفاع عن أنفسكم؛ لماذا شاركتم أصلا؟ الآمر ليس حركة خيرية قمنا بها لنبرهن أننا أناس مثقفون و أصحاب مبادئ ؛ كما يقدم بعض الأثرياء المال للفقراء لتكتب الصحافة عن نشاطهم الخيري. الأمر أعمق بذلك بكثير؛ لا معنى الآن لكل ما قمنا به؛ لا معنى الآن لكل حرف تكتبونه لأنكم ممنوعون من الكتابة إلا كما يسمح لكم "الآخر" أن تكتبوا. مدونتك يا صديقي ليست ملكا لك؛ وليست فضاءك الشخصي كما يخيل لك . كلنا محجوبون و إن بدا لكم ظاهريا غير ذلك. الأمر لا يتعلق باني أحب الكلام"الصعب"و "الكبير" كما قال لي بعضكم؛ ولكن الأمر يتعلق أساسا بالكلام الفارغ؛ الكلام الفارغ هو أن لا تكتب ما يجول بخاطرك؛ حتى و إن بدا ما تكتبه قمة في الإبداع ونسجا للكلمات أو تحليلا منطقيا متناسقا يصعب حجاجه؛ إن أتفه نكتة" ممنوعة" اشرف و اصدق مما تكتبه يا صديقي المدون؛ أنا لا ادعوكم هنا إلى السب أو الشتم و التهور؛ نحن أدرى بالملعب الذي نحن فيه؛ نحن اعلم بقوانينه لأننا جزء منها؛ أنا ادعوكم إلى إتقان اللعب و إجادته؛ بين الرصانة و التخاذل خيط رفيع يجب أن نحسن إمساكه و ندرك كيفية التعامل معه؛ إذا أردنا مواصلة التدوين وعدم السقوط في اللاتدوين.

هناك تعليق واحد:

عماد حبيب يقول...

juste pour dire que je trouve ton post équilibré, et mérite un appui plus fort, comme l'action elle même,

NB :pkoi il n'y a pas le nom de l'auteur du post ? !!!