الخميس، جانفي 11، 2007

تعليم اللغات في تونس... الى اين؟؟؟


شارفت السنة على الانتصاف و اغلب التلاميذ بدون كتب!! قسم به ثلاثون تلميذا مطلوب منهم ان ينتبهوا و يتعلموا لغة جديدة بدون الكتاب المدرسي. هذا ليس حال تلاميذ السودان او جيبوتي؛ بل هم تلاميذ مدينة دوز في الجمهورية التونسية العزيزة التي تفتخر بنظامها التعليمي و تقوم سنويا بتصدير تجربتها التعليمية إلى بلدان عربية و افريقية كثيرة. أما تلاميذ مادة الاسبانية فهم ليسوا أحسن حظا من زملائهم في مادة الألمانية؛ إلا انه تجدر الإشارة هنا إلى أنهم اضطروا للانتظار حوالي شهرين حتى تتفضل عليهم الوزارة بأستاذة للمادة المذكورة!!؟؟ بحثنا في و لايتي قبلي و قابس و لا اثر لهذا الكتاب السحري؛ قمت شخصيا في احدى زياراتي للعاصمة بالبحث في مكتبات وسط العاصمة ولم أتحصل على بضعة كتيبات إلا بعد جهد كبير جدا؛ لا أخفيكم أن الحصول على الممنوعات أو تصريف العملة في تونس أسهل بكثير من الحصول على هذا الكتاب الخطير. هل هذا معقول في دولة لها تاريخ عريق في التعليم ؛ دولة تتبجح بحسن تنظيم الدورات الرياضية و الملتقيات الدولية التي لا منفعة منها ولا جدوى؛ بينما تعجز عن تنظيم أهم قطاع في البلاد!! او ربما لم يعد كذلك؛ هذا هو الإحساس الذي يخالج اغلب العاملين في القطاع. حق التعليم هو حق يضمنه الدستور التونسي؛ و بالتالي فان حرمان التلميذ من الكتاب المدرسي هو حرمان من التعلّم و هو بذلك مخالفة واضحة للدستور. هل سيصبح الدستور أيضا بلا قيمة؟؟ من المسؤول عن هذه الفوضى في التعليم التونسي؟؟ هل تريد الحكومة فعلا تعليم اللغات أم انه مجرد موضة؟؟؟ و بما ان الموضة هذه الأيام هي الحديث عن الإرهاب حتى في وصفات الطعام؛ فلا بأس أن أعرّج هنا على أهمية الدرس اللغوي في مقاومة الإرهاب؛ إن مقاومة الإرهاب الصحيحة لا تتم بالسلاح؛ لأنه وقتها يكون الوقت قد تأخر كثيرا؛ إن مقاومة الإرهاب تبدأ في المدرسة و المعهد ويلعب الدرس اللغوي هنا دورا محوريا في ذلك. إن تعلم لغة ما هو ليس مجرد تعلم كلام و أدواة خطاب جديدة؛ إن اللغة الجديدة تفتح للتلميذ عالما جديدا؛ تجعله يتفتح على حضارة جديدة و يتعلم معنى الاختلاف؛ و هو ما سينشأ عنده قابلية للتسامح و تفهم الآخر مهما بدا مختلفا. آه! كدت أنسى؛ هل تعلمون أن معهد بورقيبة للغات قد أغلق أبوابه في دوز لأنه ليس هناك عدد كاف من الطلاب!!! و كأننا في مسرح و الغي العرض لعدم حضورالجمهور؛ هل تحول التعليم من خيار وطني إلى تجارة؟؟؟؟ كان الأجدر بإدارة هذا المعهد أن تقيس الأمور على مستوى وطني ؛ لا على مستوى جهوي؛ بمعنى انه إذا كان أستاذ انقليزية في مدينة صفاقس لديه 200 طالب و أستاذ في دوز لديه 8 طلاب؛ هذا يعني أن كل أستاذ لديه 104 طالب؛ و أنا اعلم أن العدد اكبر بكثير في المدن الكبرى؛ اي انه ليس هناك مشكلة حقيقية للتمويل؛ ولكن يبدو أن الخيارات هي التي تبدلت
على كل حال لا يبقى لنا الا أن نقول الله غالب او برّا؛ و دفع الله ما كان أعظم.


ليست هناك تعليقات: