الأربعاء، أكتوبر 18، 2006

لماذا يجب ان تكتب مدونتك بالعربية(1)؛



كما سبق و ان علقت على ذلك ان وجود اقل من 5 بالمائة من المدونات التونسية المكتوبة باللغة العربية امر
يثير الكثير من التساؤلات؛ و لقد اقترحت ان يتم التركيز على الكتابة بالعربية وذلك لسببين اساسين؛ احدهما سياسي و الآخر ثقافي و سأبدأ اليوم ب
أ-الاسباب الساسية
اذا اردنا ان نتحدث عن دور سياسي للمدونات او ما اصبح يسميه البعض الصحافة الموازية فاننا نتحدث بالاساس عن خطاب موجه الى الداخل؛ الى الجمهور العربي الذي يسعى المدون ان يقدم له مادة اعلامية سياسية تساهم حسب رأيه في تغيير الوضع السياسي العربي العاطل. ان الخطاب الى الخارج و رغم اهميته فانه يبقى مكملا للخطاب الداخلي داعما له؛ ولا يمكن باي حال من الاحوال ان يحل محله؛ فالتغيير الديمقراطي لا يمكن ان يكون الا من الداخل لان الديمقراطية و الحرية ليست هدية تهب من احد؛ قد يمكن للخارج ان يكون عاملا مساعدا لكيمياء داخلية؛ هذا حتى لا نتبنى نظرية المؤامرة و نقول بأن الخارج الديمقراطي هذا يتربص بنا و لا يريد لنا لا الديمقراطية و لا الحرية. ان الخطاب اللغوي سواء كان سياسيا او غير ذلك يتكون من ثلاث عناصر اساسية ضرورية؛ ان غاب احدها او تعطل فان رسالة الخطاب لا تصل او لا تحقق اهدافها بالصفة المرجوة و هذه العناصر هي
1- الباعث
2- القناة
3- المتلقي
الباعث هنا هو المدون؛ و تختلف طريقة الخطاب حسب شخصية المدون و تكوينه الثقافي و سنه...الخ و هذا امر طبيعي و مفروغ منه لذلك سأركز على العنصرين الثاني و الثالث
القناة؛ اي الوسيلة التي ستمرر بها خطابك؛ هل سيكون مكتوبا ام شفاهيا؟ باي لغة؟ في الانترنت ام في الجريدة...الخ و من المعروف ان للقناة اهمية كبيرة في الخطاب السياسي؛ لان نفس المحتوى يكون له تاثير مختلف اذا ما اختلفت القنوات. و اذا كانت غاية الخطاب السياسي الاولى هي الاقناع و التاثير الايدولوجي وليس فقط مجرد تبليغ المعلومة؛ فان اختيار القناة يعتبر من اهم العوامل المحددة لنجاح الخطاب او فشله؛ مادام اذن الهدف هو التأثير على المتلقي فانه من الحكمة ان يتم اختيار القناة على حسب مواصفات الشخص المتلقي؛ و لقد وعى الرئيسان الحبيب بورقيبة و الحسن الثاني بذلك فكانا يمرران افكارهما السياسية باللغة العامية؛ لان اغلبية الشعب كان وقتها اميا؛ و لم تكن لا العربية الفصحى و لا الفرنسية هي القناة الامثل كما هو الحال الآن في المغرب العربي. السؤال الآن ماهي القناة التي سيستعملها المدون التونسي لايصال افكاره السياسية؛ مجال التدوين هو الانترنت و لكن ماهي اللغة الاقرب للمتلقي؟
انا اعتقد ان نظرة بسيطة الى مستوى الجيل الحالي من التلاميذ و الطلبة في اللغة الفرنسية يمكن ان تبين لنا مدى ضعف المستوى العام في هذه اللغة؛ هذا اضافة الى ضعف جيل الثمانينات و التسعينات مقارنة بالاجيال السابقة التي لا يمكن ايضا الجزم بأن 100%منهم يتقنون الفرنسية؛؛ لقد تقلص دور الفرنسية في المجتمع التونسي لاسباب عديدة؛ اهمها التعريب الذي شمل معظم المواد المدرسية و نقص التأثير الاعلامي الفرنسي و الغربي بصفة عامة امام ظهور اعلام عربي منافس هذا اضافة الى التوجه العالمي نحو الانقليزية. لم يعد للفرنسية التأثير القديم في حياة التونسي؛ لذا يصبح برأي اختيار اللغة الفرنسية عائقا امام المدون و يقلص من مدى تأثيره في المجتمع الذي ينوي تغييره
هذا من الناحية الوطنية؛ اما من الناحية القومية فاننا نلاحظ ان المشارقة يكتبون بالانقليزية و المغاربة يكتبون بالفرنسية و هو ما يجعلهم و كأنهم يعيشون في عالمين مختلفين؛ و يحرم القارىء العربي من الاطلاع على مساحة عربية متجانسة في الانترنت؛ فاذا كان المغاربة يفهمون الانقليزية و لو بصفة متفاوتة؛ نظرا لكون الانقليزية لغة عالمية تدرس في كل البلدان؛ فان المشارقة ؛ و اذا استثنينا اللبنانيين؛ فان قلة منهم يفهم الفرنسية؛ و هذا يؤدي الى فقدان التواصل و الحوار بين الشباب العربي و هو في راي مهم جدا؛ لاني لا اتصور انه يمكن ان يكون هناك تغيير سياسي و ثقافي منعزل عن بقية البلدان العربية؛ لان التركيبة السياسية و الثقافية للعالم العربي تجعله مرتبطا ببعضه بحيث انه يصعب تصور نجاح احادي الجانب بمعزل عن بقية الاطراف العربية رغم الاختلاف النسبي في التركيبة الثقافية و السياسية للبلدان العربية؛ و لايعني هذا طبعا تقيدا مشروطا بالآخر؛ و لكن الكل يسير منفردا و في نفس الوقت يخضع لتأثير المجموعة
و أخيرا ارجو ان لا يفهم هذا على انه دعوة للتخلي عن الكتابة باللغات الاجنبية؛ لأني أعتقد ان الكتابة باللغات الاجنبية هو صوت الشباب العربي الموجه الى الخارج؛ المشارقة يكتبون بالانقليزية و المغاربة بالفرنسية؛ و هما بذلك يتكاملان و يغطون نسبة كبيرة من اللغات المقروؤة في العالم؛ و ينجحون بذلك في ايصال الصوت العربي الى بيوت العالم و هو ما عجز عنه الى حد الآن الاعلام التقليدي

ليست هناك تعليقات: