هكذا صرخت سيدة مصرية و هي تحطم أربعة تماثيل في متحف "حسن حشمت" بالقاهرة (شهرأفريل من سنة 2006 ). لم تتصرف المرأة من تلقاء نفسها بل ما فعلته هو النتيجة المتوقعة لفتوىأصدرها الازهر بتحريم التماثيل.
بثت تلك الفتوى بلبلة في صفوف طلبة النحت و الفنون الجميلة وغادر بعضهم الكلية نهائيا حتى لا يشاركوا في أنشطة محرمة (الرسم و النحت و باقي أشكال ما يسمى ب"الفن" والعياذ بالله).
تجشمت هذه السيدة عناء اقتحام المتحف عنوة باستعمال سلاح أبيض أخفته تحت نقابها (الذي ترتديه بفتوى من نفس الشيوخ). كان كل ماتبتغيه هو مرضاة الله و إراحة إخوانها المسلمين من تلك الاصنام الوثنية. لكني أتسائل هنا : ألم يكن من باب أولى وأحرى أن نبدأ بتحطيم تماثيل الكفر الغربية، وأولها تمثال "الحرية" في نيويورك و تمثال "المفكر" للنحات الفرنسي رودان ؟
*****
عندما دخل محمد مكة و حطم الاصنام في جوف الكعبة، وقفت قريش حيرى من أمرها . ولعل أشرافها قد جعلوا ينظرون إلى آلهتهم و قد سويت بالتراب ، و يتساءلون كيف أمكن لهم أن يعبدوا طوال هذا الوقت أحجارا لا تملك حتى دفع الأذى عن نفسها. اليوم و قد أصبحت قصة فتح مكة جزء ا من ماضينا الغابر، لا نزال بحاجة لانبياء يحطمون الاصنام التي نعبدها من قرون.
أصنامنا اليوم تعشش بداخلنا وهي أشد خطرا من أربعة تماثيل صغيرة في متحف بالقاهرة . هل أدلكم على أولها ؟ إنه صنم "الغرور". الغرور الذي يجعلنا ننظر إلى الاخرين بوصفهم قردة و خنازير في نفس الوقت الذي نستعمل فيه اختراعاتهم ومكتشفاتهم. الغرور الذي يجعلنا نعتقد أننا سننتصر في نهاية الامر، وأن الجنة الواسعة ستكون من نصيبنا نحن و نحن فقط. الغرور الذي يجعلنا نعتقد أننا خير
أمة أخرجت للناس في حين أن الجهل يسكن كل حي من أحيائنا.
الصنم الثاني الذي من المهم أن أنبهكم إليه هو صنم "المؤامرة". الويل لمن يكفر به ! يقول صنم المؤامرة "إن اليهود والغرب الصليبي الكافر متآمرون علينا من أول الزمان ولن يكفوا عنا حتى نتبع ملتهم أو حتى يقول الحجر للمسلم هذا يهودي ورائي فاقتله". لا تكذبوا ما تقوله المؤامرة، لئلا تخرجوا عن دين آباكم وإن ذكرت أمامكم قولوا "آمين". ولكن تذكروا أن المؤامرة صنم و أنها عندما تتحطم سنقف مشدوهين كما وقفت قريش ولن تشفع توسلاتنا لها كي تعود واقفة.
ثالث الثلاثة يسمى "التاريخ المقدس" الذي يحرم علينا أن نتحدث عن سلفنا بغير كلمات المدح والفخار. إنه لا يطيق أن يقال أن أجدادنا كانوا بشرا يخطؤون و يصيبون. إ نه لا يغفر أن يقال إن فكره صالح لعصرهم ومن الممكن أن نحتاج نحن اليوم إلى فكر جديد و عقل جديد. التاريخ المقدس له شغف خاص بالمتاحف و يحتقر كل ما هو جديد. رهابنة التاريخ المقدس يمارسون التحنيط منذ أجيال، يعيشون بين الاموات ويقرفون بكل ما ينضح بالحياة.
ذاك هو ثالوثنا المقدس. وليت أصنامنا تقف عند هذا الحد لكننا للاسف ننحت تماثيل جديدة كل يوم لنعبدها في اليوم الموالي. إن لم نسعف بنبي يحطم أصنامنا ستتهاوى يوما فوق رؤوسنا من فرط تطاولها. لكن زمن النبوة قد ولى وليس لنا إلا الصبر والجلد. سنتذكر عند كل قربان يقدم لهذه الأصنام ، أنها ليست إلا أصناما وأنها باطل ، و "أن الباطل لا يغني عن الحق شيئ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق