للأسف الشديد، لاحظت أنّ معظم المدوّنين العرب -المعروفين منهم على الأقـلّ- ولئن كانو عبّروا عن إستيائهم ورفضهم لإعتقال المدوّن المصري كريم، فإنّ عددا كبيرا منهم لم يترك الفرصة تمرّ دون التـّعبير على عدم موافقته لكتابات هذا المدوّن الذي إنتقد بشدّة مؤسسة جامع الأزهر وعدد من الجوانب الأخرى اللّي تمسّ بالدّين، وقرأت في عدد من المدونات المصرية وغيرها مواقف تعتبر نفسها "مشرّفة"، بحيث حاول البعض تحليل العقد النفسية التي أدّت بهذا المدوّن "المسكين" إلى التهكّم على الدين ورجال الدين، وكلّ واحد يزيد من عندو ويتفلسف، باش في الآخر يقول -وكأنّه مغصّب على نفسو- بأنّ المسألة لا تستحق العقاب بالسجن وأنّ هذا من شأنه أن يعمل إشهار للمدوّن كريم ويحوّلو إلى بطل من ورق... هذا الموقف الشبه العام من المدونين العرب يمكن التعبير عنّو بالمساندة "الفشوش" أو بالأحرى ذرّ الرماد على العينين، لأنّ من يساند حريّة التعبير يجب أن يقبل بالرأي الآخر ولو كان يتناقض مع معتقداته أو أفكاره العزيزة على قلبه، سواء كانت سياسية، دينيّة أو أخلاقيّة، أمّا دعاة الحريّة من النوع العربي الأصيل، أي الحريّة المقيّدة بسلاسل الفكر الديني والمسطرة بالخطوط الحمراء، فبالله يعملو مزيّة على الراجل وعلى أنفسهم ويكتـفـو بالسكوت، لأنّ هذا الشكل من المساندة المشروطة فيه الكثير من النفاق وأنا شخصيّا نعتبرو مساندة ضمنيّة لتسليط العقاب على المدوّن كريم وإقرار لأنّه إنسان مذنب ويستحق أن يخمد صوته بالقوة
خلاصة القول أنّه يمكن مناقشة ونقد كلّ الآراء وكلّ المواقف عندما يكون المجال مفتوحا للنقاش والتعبير، أمّا في مثل هذه الوضعيات التي يحرم فيها الشخص من إمكانية التعبير والنقاش والدفاع عن وجهة نظره ويزجّ به في السجن، فإنّ أيّة محاولة للقدح في أفكار ذلك الشخص ونقاشها في إطار إنتفى فيه النقاش، يصبح حسب رأيي من قبيل قلّة الأدب، لأنّ الموقف المشرّف الوحيد في مثل هذه الحالات هو الوقوف إلى جانب حريّة الشخص في التعبير مهما كانت أوجه الخلاف من حيث المضمون، وللأسف الشديد، حادثة المدون المصري كريم كانت مجرد فرصة أخرى للوقوف على سيطرة الفكر الديني المتعصّب والرّجعي على نسبة كبيرة من العقول العربية الشبه مثقـّفة التي تدعو للحريّة بالصباح وتنظـّر للإستبداد بالمسا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق