الجمعة، مارس 16، 2007

حديث في السياسة

http://tarek-cheniti.blogspot.com/


يعيب علي الكثيرون إسهابي في تحليل المسائل الإقتصادية والإجتماعية و عدم الحديث في السياسة. وكأن السياسة محور قائم الذات. و كأن تطورالإقتصاد أو المجتمع لا يعكسان خيارات سياسية. بل و كأن تدويننا وحوارنا و جدالنا ليسوا "سياسة" ة

سادتي إن كانت السياسة التي تريدونني الخوض فيها هي منظومة الحكم في تونس فاعلموا أني لم أتطرق لهذا الموضوع تفاديا لحوار عقيم جوهره قدح في الأشخاص و الأعراض وخاتمته استجداء لوساطة الجزيرة و القنوات الفرنسية .. خاصة وأننا تعودنا في هذا البلد على نشر غسيلنا أمام الملأ. لكن الموضوع مصيري بالفعل ولا مفر من فتح الملف
.
يقول الهادي نويرة (هبة السماء لتونس السبعينات والذي أنقذ البلاد و العباد من براثن الشيوعية)، إن الديمقراطية لا تخدم البلدان المتخلفة لأن بناء مجتمع متقدم يحتم الإستمرارية، و لو أتت على حساب الحريات الفردية. مقولة نويرة وإن كانت مؤلمة فهي صائبة و تعكس حاجة الأمة التونسية في ذلك الوقت للنهوض من جديد بعد أن خرت صريعة قرون النظام الملكي و أجهز عليها المستعمر.. لكنها لم تعد سارية المفعول اليوم و نحن في مجتمع متعلم و يعيش حياة جيدة مبدئيا و إن أثقلتها الديون
.
إذن..هل نحن جاهزون للديمقراطية؟.

كم تونسيا يستطيع اليوم تحديد مفهوم السلط التنفيذية و التشريعية و القضائية؟ كم تونسيا يستطيع اليوم تقبل فكرة الاختلاف دون الحاجة للتشنج وازدراء الطرف المقابل؟ كم من مدون يستطيع اليوم أن يعبرعن أفكاره بحرية دون الحاجة لمباركة بقية المدونين وتصفيقهم الحار و جائزة آخر العام؟ كم مرة شاهدتم شبابا يتحاورون بأسلوب حضاري ودون اللجوء للألفاظ السوقية و العبارات النابية؟ كم مرة تكلمت عن ضرورة مراجعة النظام الإشتراكي و إعادة الإعتبار للفرد والأسرة ولم يقع نعتي بشتى الألقاب و "تهديدي" بمقاطعة المدونة؟
.
لا أؤمن عادة بسياسة المراحل ولكني في سياق كهذا السياق أشدد على ضرورة اعتماد انتقال مرحلي نحو نظام ديمقراطي يعمل على الورق و في الواقع. والمسؤولية هنا مشتركة بين الدولة و بين الفرد. علينا في تونس أن نطلق العنان لجميع الإيديولوجيات لأن المعروف أن الأفكار المغمورة تنتشر بمنطق الضحية و تتطرف سريعا، فالممنوع مرغوب، و لولا الديمقراطية لوجدت أفكار المتطرفيين اليساريين و اليمينيين طريقها لقلوب الأغلبية في أوروبا. قد يدوم الأمر سنينا ..قد يدوم عقودا.. لا يهم. المهم أن نفتح المجال واسعا للتبادل من خلال وسائل الإعلام التونسية لا الأجنبية، المرئية منها والمسموعة. كذلك لا بد من غرس جذور الديمقراطية داخل الأسر بإدماج جميع الأفراد في القرارات العائلية حتى (بل خصوصا) الأطفال والمراهقين بدل أن يتركو لحالهم أمام التلفزة و تخصى ملكة النقد لديهم.
.
كل ما أتمناه و نحن على أبواب الإحتفال بمرور نصف قرن على إعلان الجمهورية أن نتخلص نهائيا من تبعات الماضي الإستعماري والثقافة الاشتراكية و أن نحرر عقولنا و قلوبنا من ربقة التطابق والخوف من الاختلاف. تلك هي أولى الخطوات لتحقيق الديمقراط

ليست هناك تعليقات: